عدد الاحكام 3 بعدم الدستورية من 1/1/2008 حتى 1/4/2008[/align]


قضية رقم279لسنة25 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"
صالحكم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الموافق الثالث من فبراير سنة 2008، الموافق السادس والعشرين من المحرم سنة 1429ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 241 لسنة 24 قضائية "دستورية".. المحالة من المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) بحكمها الصادر بجلسة 13/4/2002 فى الطعن رقم 6023 لسنة 42 قضائية عليا.
المقامة من
السيد/ أنيس أمين خليل المشالى
ضد
1- السيد وزير التربية والتعليم
2-السيد وكيل وزارة التربية والتعليم بشبين الكوم
3-السيد مدير مدرسة عبد العزيز فهمى الاعدادية بشبين الكوم

الإجراءات

بتاريخ السابع والعشرين من يوليو سنة 2002 ورد إلى المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقم 6023 لسنة 42 قضائية عليا تنفيذاً للحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا الصادر بتاريخ 13/4/2002 بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة1947 فيما تضمنته من جواز الاستيلاء على عقارات المواطنين المملوكه لهم ملكية خاصة لمدد غير محدده.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

وحيث إن الوقائع -حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن بتاريخ 10/9/1952 كان قد صدر قرار وزير المعارف العمومية رقم 10859 بالاستيلاء على أرض مملوكه للسيد/ أنيس أمين خليل المشالى وآخر للانتفاع بها فى أغراض التعليم. وامتد هذا الاستيلاء دون أن تتخذ بشأنه إجراءات نزع الملكية، مما حدا بذوى الشأن إلى رفع الدعوى رقم 5784 لسنة 1992 مدنى شبين الكوم طلباً للحكم بطرد المدعى عليهم وإلزامهم متضامنين بأداء مبلغ أربعين الف جنيه تعويض. والمحكمة بعد أن ندبت خبيراً وأودع تقريره حكمت بعدم أختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة التى أحالتها بدورها إلى محكمة القضاء الإدارى بطنطا وقيدت برقم 9365 لسنة واحد قضائية وحكمت المحكمة بعدم قبول طلب إلغاء قرار وزير المعارف العمومية شكلاً ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. طعن المدعى على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 6023 لسنة 42 قضائية عليا، وبجلسة 13/4/2002 قضت تلك المحكمة بوقف الطعن وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947 بتخويل وزير المعارف العمومية سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمه للوزارة ومعاهد التعليم.

وحيث إن حكم الإحالة قد أورد فى مدوناته سنداً لقضائه، أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن استقر قضاؤها فى الدعويين رقمى 5 لسنة 18 قضائية "دستورية" و108 لسنة 18 قضائية "دستورية" بأنه لا يجوز الاستيلاء على عقار لمدة غير محددة. "واستندت إلى ذلك فى قضائها بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 ونص البند (5) من المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 45 الخاص بشئون التموين. وقد جاء النص المطعون عليه مماثلاً لتلك النصوص إذ أجاز الاستيلاء الدائم للعقارات، وهو الأمر الذى يعد مخالفة لحكم المادة 34 من الدستور.

وحيث إن الدولة القانونية – على ضوء أحكام المواد 1 و 3 و 4 و 65 من الدستور- هى التى تتقيد فى كل تصرفاتها وأعمالها بقواعد قانونية تعلو عليها، فلا يستقيم نشاطها بمجاوزتها، وكان خضوعها للقانون على هذا النحو، يقتضيها ألا يكون الاستيلاء على أموال بذواتها منتهياً إلى رصدها نهائياً على أغراض محددة ربطها المشرع بها ولا تزايلها، فلا تعود لأصحابها أبداً ، ولا يكون اختيارهم لغرض استغلالها ممكناً مما يقوض دعائمها. فالأصل فى سلطة الاستيلاء على العقار أنها استثنائية ينبغى أن تتم فى أضيق الحدود، ولمواجهة ظروف ملحة لا تحتمل التأخير ، وأن يكون مداها موقوتاً بمدة محددة، فإذا استطال زمن الاستيلاء، وصار ممتداً دون قيد، انقلب عدواناً على الملكية الخاصة التى كفل الدستور صونها بعناصرها جميعاً، ويندرج تحتها استعمال واستغلال المالك للشئ فى كل الأغراض التى أعد لها، جنياً لثماره، بل إن أثر هذا النوع من الاستيلاء لا يقتصر على تعطيل هذين العنصرين اللذين لا يتصور بقاء حق الملكية كاملاً بدونهما، بل يتعداه إلى إنهاء فرص التعامل فى الأموال المستولى عليها بعد انحدار قيمتها، وهو ما يعتبر عدواناً عليها، وإخلالاً بحرية التعاقد التى يندرج مفهومها تحت الحرية الشخصية التى صانها الدستور، مرتقياً بها إلى مدارج الحقوق الطبيعية، ونكولاً- فوق هذا- عن ضوابط الشرعية الدستورية التى يجب أن تلتزمها الدولة القانونية فى اعمالها وتصرفاتها.

وحيث إن التنظيم العام لسلطة الاستيلاء المؤقت على العقار. تقرر من خلال قانونين هما القانون رقم 577 سنة 1954، والقانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع الملكية وقد حدد أولهما مده الاستيلاء بما لا يجاوز سنين ثلاثاً، يبدأ سريانها من تاريخ الاستيلاء الفعلى على العقار، على أن يعود بعد انتهائها إلى أصحابه بالحالة التى كان عليها عند الاستيلاء، ولا يجوز مد هذه المدة إلا عند الضرورة، وباتفاق ذوى الشأن على المدة الزائدة، فإذا صار هذا الاتفاق متعذراً، تعين قبل انقضاء المدة الأصلية بوقت ملائم، أن تتخذ الجهة الادارية الاجراءات التى يقتضيها نزع ملكية العقار، وقد اعتنق القانون الثانى هذه القواعد ذاتها باستثناء أن مدة الاستيلاء تعتبر منتهية بانتهاء الأغراض التى توخاها أو بمضى ثلاث سنين من تاريخ الاستيلاء الفعلى أيهما أقرب. ومؤدى ذلك أن هذا التنظيم العام لسلطة الاستيلاء على العقار- حتى مع قيام حالة الضرورة الملجئة التى تسوغ مباشرتها- يعارض استمرار اثارها إلى غير حد. ويجعل توقيتها شرطاً جوهرياً لازماً لممارستها، فلا يكون تراميها فى الزمان ملتئماً مع طبيعتها بل منافياً للأصل فيها، كافلاً عملاً نزع ملكية الأموال محلها بغير الوسائل التى رسمها القانون لهذا الغرض.

وحيث إن النص المطعون فيه قد نقض هذا الأصل المشار إليه سلفاً فى شأن العقارات التى تحتاجها وزارة المعارف العمومية- فى حينه- حيث خول وزير المعارف العمومية سلطة الاستيلاء عليها دون تقيد بزمن معين، ذلك أن البين من ذلك النص ، أن الاستيلاء وفقاً لأحكامه، ليس موقوتاً، بل متراخياً إلى غير حد، وموكولاً انتهاؤه إلى السلطة التقديرية للوزير ، فتخرج الأموال التى يرد عليها الاستيلاء بتمامها من السلطة الفعلية لأصحابها مع حرمانهم من كل فائدة اقتصادية يمكن أن تعود عليهم منها وبما يعطل وظائفها عملاً، وهو ما يعدل- فى الآثار التى يرتبها- نزع الملكية من أصحابها دون تعويض ، وفى غير الأحوال التى نص عليها القانون. وبعيداً عن القواعد الإجرائية التى رسمها، بل يعتبر غصباً لها يحيل أصلها عدماً. بل إن اغتيالها على هذا النحو يمثل أسوأ صور العدوان عليها، لاتخاذه الشرعية ثوباً وإطاراً، وانحرافه عنها قصداً ومعنى، فلا تكون الملكية التى كفل الدستور صونها إلا سراباً أو وهماً.
وحيث إنه على ضوء ما تقدم يكون نص المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947 مخالفاً لأحكام المواد 32 و 34 و 64 و 65 من الدستور.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ

2
قضية رقم70لسنة28 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية"


نصالحكم


باسم الشعب


المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثانى من مارس سنة 2008 م ، الموافق الرابع والعشرين من المحرم سنة 1429 ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وماهر سامى يوسف .
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 70 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من
1 السيد / أحمد جلال على 2 السيد / عبد المعطى عبد العزيز الصادق
واخرين
ضد
1 السيد رئيس مجلس الشعب .
2 السيد وزير العدل .
3 السيد مدير مديرية الضرائب العقارية بقنا .
4 السيد مدير منطقة الضرائب العقارية بأرمنت .
5 السيد رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بمصنع سكر أرمنت .

الإجراءات

بتاريخ الرابع من مايو سنة 2006 أودع المدعون صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا بطلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (4) من قانون التعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 .
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والجمعية التعاونية للبناء والإسكان بمصنع سكر أرمنت مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعين وآخرين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1161 لسنة 2004 مدنى جزئى أمام محكمة أرمنت الجزئية ، ضد المدعى عليهم الثالث والرابع والخامس فى الدعوى الماثلة وآخرين ، بطلب الحكم أولاً : بوقف إجراءات الحجز الإدارى ، ثانياً : بطلان إجراءات الحجز الإدارى المزمع إجراؤها واعتبارها كأن لم تكن مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وذلك على سند من أنه تم إعلانهم بتنبيه الأداء وإنذار بتوقيع الحجز الإدارى من قبل مدير الضرائب العقارية بأرمنت وتكليف كل منهم بسداد المبالغ المالية التى تداينه بها الجمعية التعاونية للبناء والإسكان للعاملين بمصنع سكر أرمنت والتى تمثل قيمة الأقساط المستحقة عن تمليكه وحدة سكنية ، وإذ طلب عضو هيئة قضايا الدولة رفض هذه الدعوى تأسيساً على أن الإنذار بالحجز الإدارى يستند لنص الفقرة الثانية من المادة (4) من قانون التعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فقد دفع المدعون بعدم دستورية هذا النص ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت لهم بإقامة الدعوى الدستورية فقد أقاموا الدعوى الماثلة .

وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (4) من قانون التعاون الإسكانى محل الطعن الماثل تنص على أنه " وللجهة الإدارية المختصة تحصيل مستحقات وحدات التعاون الإسكانى لدى الأعضاء بطريق الحجز الإدارى ولها فى سبيل ذلك أن تستعين بغير مقابل بالأجهزة الحكومية أو المحلية ، ويشمل ذلك مستحقات الاتحاد لدى الجمعيات الأعضاء " .
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية ، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازماً للفصل فى النزاع الموضوعى ، وإذ كان مبتغى المدعين من دعواهم الموضوعية بطلان إجراءات الحجز الإدارى المزمع توقيعه عليهم لعدم اشتمالها على السند التنفيذى الذى يجيز توقيع الحجز ، وكان هذا الحجز يستند لما تضمنه نص الفقرة الثانية من المادة (4) من قانون التعاون الإسكانى من أنه " وللجهة الإدارية المختصة تحصيل مستحقات وحدات التعاون الإسكانى لدى الأعضاء بطريق الحجز الإدارى ، ولها فى سبيل ذلك أن تستعين بغير مقابل بالأجهزة الحكومية أو المحلية . " فإن الفصل فى دستورية هذا النص محدداً فى هذا النطاق وحده ، سوف يكون له انعكاسه على الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع ، ومن ثم تتوافر للمدعين المصلحة فى الطعن عليه فى الحدود المذكورة دون باقى الأحكام التى تضمنها النص محل الطعن .

وينعى المدعون على النص المطعون عليه محدداً نطاقاً على النحو المتقدم إخلاله بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه بالمادة (40) من الدستور بتخويله الجهة الإدارية الحق فى تحصيل مستحقات وحدات التعاون الإسكانى لدى الأعضاء بطريق الحجز الإدارى مساوياً إياها وأشخاص القانون العام على الرغم من أن هذه الوحدات من أشخاص القانون الخاص بما يتعين معه معاملتها كسائر أشخاص القانون الأخير ، وعدم تخويلها من المزايا ما يضر بمدينيها دون سند من طبيعة هذه الوحدات وأموالها .

وحيث إن هذا النعى سديد فى جملته ، ذلك أن الدستور إذ أخضع فى المادة (29) منه كافة صور الملكية لرقابة الشعب ، وأوجب على الدولة حمايتها ، فإنه فى صدد بيان هذه الصور قد كشف عن الفروق بين كل نوع منها ، حيث نصت المادة (30) على أن الملكية العامة هى ملكية الشعب وكفلت المادة (33) لها حرمة خاصة وجعلت حمايتها ودعمها واجباً على كل مواطن وفقاً للقانون ، فى حين أن المادة (31) إذ نصت على أن الملكية التعاونية هى ملكية الجمعيات التعاونية ، فإنها لم تزد على أن تنيط بالقانون رعاية هذه الملكية وأن يضمن لها الإدارة الذاتية ، بما مؤداه أن المشرع الدستورى لم يتجه إلى إنزال الملكية التعاونية منزلة الملكية العامة فى شأن مدى حرمتها أو أدوات حمايتها ، إنما أبقاها فى إطار أنواع الملكيات الأخرى غير الملكية العامة لتحظى بالضمانات المنصوص عليها فى المواد (34 ، 35 ، 36) من الدستور ، دون أن يغير ذلك من طبيعتها كملكية تعاونية .

وحيث إن قانون التعاون الإسكانى إذ نص على أن أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان مملوكة لها ملكية تعاونية ، ثم بين إجراءات تأسيس هذه الجمعيات وشهرها ، والتى بتمامها تكتسب الجمعية شخصيتها الاعتبارية بحسبانها " منظمة جماهيرية ديمقراطية " يستقل أعضاؤها بإدارتها وفقاً لنظامها الداخلى فلا تتداخل فيها جهة الإدارة ، وحدد مهمتها بتوفير المساكن لأعضائها وتعهدها بالصيانة ، فإنه يكون بذلك كله قد التزم الإطار الدستورى فى تحديد طبيعة الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان بأنها من أشخاص القانون الخاص ، وأن ما تتملكه من أموال إنما تتملكه ملكية تعاونية غير متداخلة أو متشابهة مع الملكية العامة بأية صورة من الصور ، إذ كان ذلك وكان النص المطعون عليه قد جاء مناقضاً لهذا الإطار الدستورى بنصه على جواز تحصيل الأموال المستحقة للجمعيات التعاونية العاملة فى مجال التعاون الإسكانى لدى أعضائها بطريق الحجز الإدارى عن طريق الجهة الإدارية المختصة ، فإنه يكون قد أخرج هذه الأموال من طبيعتها التعاونية وألبسها ثوب الأموال العامة ، فجاوز بذلك النطاق الذى تفرضه طبيعتها ، وهى طبيعة تستمد ذاتيتها من حكم الدستور ولا شأن لها بوسائل الحماية المدنية أو الجنائية التى يقررها المشرع للجمعيات مالكة هذه الأموال ، كاعتبار مستنداتها وسجلاتها ودفاترها وأختامها فى حكم الأوراق والمستندات والدفاتر والأختام الرسمية أو اعتبار أموالها فى حكم الأموال العامة فى مجال تطبيق قانون العقوبات .

وحيث إنه فى ضوء ما سلف فإن النص المطعون عليه محدداً على نحو ما تقدم قد أفرد لأموال الجمعيات التعاونية العاملة فى مجال الإسكان ، ودون سند دستورى ، معاملة تفضيلية تتميز بها بالمخالفة لطبيعتها ، باعتبارها من أشخاص القانون الخاص ، دون باقى أشخاص هذا القانون ، فإنه يكون بذلك قد وقع فى حمأة مخالفة أحكام المواد (30 ، 40 ، 65) من الدستور ، بما يوجب القضاء بعدم دستوريته .
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة ( 4 ) من قانون التعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فيما نصت عليه من أنه " وللجهة الإدارية المختصة تحصيل مستحقات وحدات التعاون الإسكانى لدى الأعضاء بطريق الحجز الإدارى ، ولها فى سبيل ذلك أن تستعين بغير مقابل بالأجهزة الحكومية أو المحلية " ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

3
قضية رقم241لسنة24 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا"دستورية



نصالحكم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الموافق الثالث من فبراير سنة 2008، الموافق السادس والعشرين من المحرم سنة 1429ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 241 لسنة 24 قضائية "دستورية".. المحالة من المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) بحكمها الصادر بجلسة 13/4/2002 فى الطعن رقم 6023 لسنة 42 قضائية عليا.
المقامة من

السيد/ أنيس أمين خليل المشالى

ضد

1- السيد وزير التربية والتعليم
2-السيد وكيل وزارة التربية والتعليم بشبين الكوم
3-السيد مدير مدرسة عبد العزيز فهمى الاعدادية بشبين الكوم
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من يوليو سنة 2002 ورد إلى المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقم 6023 لسنة 42 قضائية عليا تنفيذاً للحكم الصادر من المحكمة الادارية العليا الصادر بتاريخ 13/4/2002 بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة1947 فيما تضمنته من جواز الاستيلاء على عقارات المواطنين المملوكه لهم ملكية خاصة لمدد غير محدده.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

وحيث إن الوقائع -حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل فى أن بتاريخ 10/9/1952 كان قد صدر قرار وزير المعارف العمومية رقم 10859 بالاستيلاء على أرض مملوكه للسيد/ أنيس أمين خليل المشالى وآخر للانتفاع بها فى أغراض التعليم. وامتد هذا الاستيلاء دون أن تتخذ بشأنه إجراءات نزع الملكية، مما حدا بذوى الشأن إلى رفع الدعوى رقم 5784 لسنة 1992 مدنى شبين الكوم طلباً للحكم بطرد المدعى عليهم وإلزامهم متضامنين بأداء مبلغ أربعين الف جنيه تعويض. والمحكمة بعد أن ندبت خبيراً وأودع تقريره حكمت بعدم أختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة التى أحالتها بدورها إلى محكمة القضاء الإدارى بطنطا وقيدت برقم 9365 لسنة واحد قضائية وحكمت المحكمة بعدم قبول طلب إلغاء قرار وزير المعارف العمومية شكلاً ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. طعن المدعى على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 6023 لسنة 42 قضائية عليا، وبجلسة 13/4/2002 قضت تلك المحكمة بوقف الطعن وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947 بتخويل وزير المعارف العمومية سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمه للوزارة ومعاهد التعليم.

وحيث إن حكم الإحالة قد أورد فى مدوناته سنداً لقضائه، أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن استقر قضاؤها فى الدعويين رقمى 5 لسنة 18 قضائية "دستورية" و108 لسنة 18 قضائية "دستورية" بأنه لا يجوز الاستيلاء على عقار لمدة غير محددة. "واستندت إلى ذلك فى قضائها بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 ونص البند (5) من المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 45 الخاص بشئون التموين. وقد جاء النص المطعون عليه مماثلاً لتلك النصوص إذ أجاز الاستيلاء الدائم للعقارات، وهو الأمر الذى يعد مخالفة لحكم المادة 34 من الدستور.

وحيث إن الدولة القانونية – على ضوء أحكام المواد 1 و 3 و 4 و 65 من الدستور- هى التى تتقيد فى كل تصرفاتها وأعمالها بقواعد قانونية تعلو عليها، فلا يستقيم نشاطها بمجاوزتها، وكان خضوعها للقانون على هذا النحو، يقتضيها ألا يكون الاستيلاء على أموال بذواتها منتهياً إلى رصدها نهائياً على أغراض محددة ربطها المشرع بها ولا تزايلها، فلا تعود لأصحابها أبداً ، ولا يكون اختيارهم لغرض استغلالها ممكناً مما يقوض دعائمها. فالأصل فى سلطة الاستيلاء على العقار أنها استثنائية ينبغى أن تتم فى أضيق الحدود، ولمواجهة ظروف ملحة لا تحتمل التأخير ، وأن يكون مداها موقوتاً بمدة محددة، فإذا استطال زمن الاستيلاء، وصار ممتداً دون قيد، انقلب عدواناً على الملكية الخاصة التى كفل الدستور صونها بعناصرها جميعاً، ويندرج تحتها استعمال واستغلال المالك للشئ فى كل الأغراض التى أعد لها، جنياً لثماره، بل إن أثر هذا النوع من الاستيلاء لا يقتصر على تعطيل هذين العنصرين اللذين لا يتصور بقاء حق الملكية كاملاً بدونهما، بل يتعداه إلى إنهاء فرص التعامل فى الأموال المستولى عليها بعد انحدار قيمتها، وهو ما يعتبر عدواناً عليها، وإخلالاً بحرية التعاقد التى يندرج مفهومها تحت الحرية الشخصية التى صانها الدستور، مرتقياً بها إلى مدارج الحقوق الطبيعية، ونكولاً- فوق هذا- عن ضوابط الشرعية الدستورية التى يجب أن تلتزمها الدولة القانونية فى اعمالها وتصرفاتها.

وحيث إن التنظيم العام لسلطة الاستيلاء المؤقت على العقار. تقرر من خلال قانونين هما القانون رقم 577 سنة 1954، والقانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع الملكية وقد حدد أولهما مده الاستيلاء بما لا يجاوز سنين ثلاثاً، يبدأ سريانها من تاريخ الاستيلاء الفعلى على العقار، على أن يعود بعد انتهائها إلى أصحابه بالحالة التى كان عليها عند الاستيلاء، ولا يجوز مد هذه المدة إلا عند الضرورة، وباتفاق ذوى الشأن على المدة الزائدة، فإذا صار هذا الاتفاق متعذراً، تعين قبل انقضاء المدة الأصلية بوقت ملائم، أن تتخذ الجهة الادارية الاجراءات التى يقتضيها نزع ملكية العقار، وقد اعتنق القانون الثانى هذه القواعد ذاتها باستثناء أن مدة الاستيلاء تعتبر منتهية بانتهاء الأغراض التى توخاها أو بمضى ثلاث سنين من تاريخ الاستيلاء الفعلى أيهما أقرب. ومؤدى ذلك أن هذا التنظيم العام لسلطة الاستيلاء على العقار- حتى مع قيام حالة الضرورة الملجئة التى تسوغ مباشرتها- يعارض استمرار اثارها إلى غير حد. ويجعل توقيتها شرطاً جوهرياً لازماً لممارستها، فلا يكون تراميها فى الزمان ملتئماً مع طبيعتها بل منافياً للأصل فيها، كافلاً عملاً نزع ملكية الأموال محلها بغير الوسائل التى رسمها القانون لهذا الغرض.

وحيث إن النص المطعون فيه قد نقض هذا الأصل المشار إليه سلفاً فى شأن العقارات التى تحتاجها وزارة المعارف العمومية- فى حينه- حيث خول وزير المعارف العمومية سلطة الاستيلاء عليها دون تقيد بزمن معين، ذلك أن البين من ذلك النص ، أن الاستيلاء وفقاً لأحكامه، ليس موقوتاً، بل متراخياً إلى غير حد، وموكولاً انتهاؤه إلى السلطة التقديرية للوزير ، فتخرج الأموال التى يرد عليها الاستيلاء بتمامها من السلطة الفعلية لأصحابها مع حرمانهم من كل فائدة اقتصادية يمكن أن تعود عليهم منها وبما يعطل وظائفها عملاً، وهو ما يعدل- فى الآثار التى يرتبها- نزع الملكية من أصحابها دون تعويض ، وفى غير الأحوال التى نص عليها القانون. وبعيداً عن القواعد الإجرائية التى رسمها، بل يعتبر غصباً لها يحيل أصلها عدماً. بل إن اغتيالها على هذا النحو يمثل أسوأ صور العدوان عليها، لاتخاذه الشرعية ثوباً وإطاراً، وانحرافه عنها قصداً ومعنى، فلا تكون الملكية التى كفل الدستور صونها إلا سراباً أو وهماً.
وحيث إنه على ضوء ما تقدم يكون نص المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947 مخالفاً لأحكام المواد 32 و 34 و 64 و 65 من الدستور.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.