أولاً:الإختيار المطلق للإدارة:
هى إطلاق يد الإدارة بحرية تامة فى إختيار موظفيها فلاتخضع فى هذا الإختيار لأى رقابة ولاتلتزم فى هذا الصدد إلا بأن يكون المرشح مستوفياً لكافة شروط التوظف.
*ولقد كانت هذه الطريقة هى الغالبة خلال القرن الماضى,وقيل فى تبريرها أن ترك الحرية للإدارة فى تعيين موظفيها باختيارها المطلق يساعد على فاعلية الجهاز الإدارى,حيث يترك للجهات الرئاسية تقدير كفاءة الشخص المراد تعيينه ومدى مقدرته الشخصية على التعاون مع باقى موظفى الإدارة المعينة,خاصة وإن تعيينه بناء على الإختيار المطلق لرؤسائه يجعله أكثر إرتباطاً بهؤلاء ويؤكد وحدة الإدارة ويحقق النتاسق اللازم بين أجهزتها.كذلك فإن مسئولية الإدارة عن أفعال موظفيها تقتضى بالضرورة أن يترك للإدارة حرية اختيار هؤلاء الموظفين على اساس من الثقة الشخصية.
-نقد هذه النظرية:
1)أنها طريقة ترتبط بالنظم الفردية القائمة على الحكم المطلق.
2)أنها تخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين وتفتح الباب أمام المحسوبية والمحاباة والرشوة فى مجال إختيار الموظفين العموميين.
3)أنها تخل بأحد المبادئ الدستورية,وهو مبدأ المساواة بين المواطنين فى تولى الوظائف العامة.
4)يترتب على هذه الطريقة فساد الجهاز الإدارى حيث يتم إختيار الموظفين على أساس من العواصف الشخصية والأهواء.
ثانياً:الإنتخاب:
*هذه الطريقة تساير الديمقراطية وتعد تطبيقاً لها,حيث تعهد إلى الشعب مباشرة أو عن طريق ممثليه فى البرلمان,أو للموظفين ذوى الشأن بمهمة إختيار "موظف عام" عن طريق البرلمان. ويقتضى الأمر فى داخل هذه الطريقة التفرقة بين ما إذا كان الإنتخاب يتم بطريقة مباشرة بواسطة الشعب أو غير مباشرة بواسطة البرلمان,وبين ما إذا كان الإنتخاب يتم بواسطة الموظفين ذوى الشأن.
*فبالنسبة لإنتخاب الوظف العام:فيتم عن طريق الإنتخابات العامة أو بواسطة أعضاء البرلمان.
-نقد هذه الطريقة:
1)يعاب عليها أنها قد تجعل إختيار الموظف العام يقوم على اعتبارات غير اعتبار ات الكفاءة,حيث يتوقف هذا الإختيار على إعتبارات سياسية وتتحكم فيه إلى حد بعيد الأهواء,الحزبية ليس فقط فى دلو الديمقراطية الغربية بل وفى البلدان الإشتراكية أيضا.
2)كذلك فإن إختيار الموظف العام بواسطة عامة الناخبين,قد يؤدى إلى هبوط مستوى الوظيفة العامة حيث يفتقد أغلب الناخبين الخبرة لتقدير متطلبات الوظيفة العامة ومدى الكفاءة المطلوبة لشغلها ويخضع أغلبهم فى هذا الإختيار لضغوط الدعاية السياسية أو يستجيبون فيه لاعتبار المصالح الشخصية.
3)أن هذه الطريقة وإن كانت قد طبقت فى بعض المجتمعات القديمة,فإن الإعتبارات العملية فى الوقت الحاضر قد تقف حائلاً دون الأخذ بها .ذلك أن إنتخاب سائر الموظفينفى كافة القطاعات الإدارية على مختلف مستوياتهم وفئاتهم يعد أمراً مستحيلاً فى المجتمعات الحديثة التى يزداد فيها عدد الموظفين العموميين بشكل مستمر مضطرد.
*ولكن الصورة الثانية من صور الإنتخاب بالإختيار والتى تتمثل فى قيام ذوى الشأن من الموظفين باختيار من يشغل الوظيفة العامةعن طريق الإنتخاب فغالباً مايؤخذ بها فى الهيئات ذات الطابع العلمى كالجامعات ومراكز البحوث حيث يتم إختيار مدير الجامعة أو عمداء الكلية عن طريق الإنتخاب المغلق أى بحيث يكون الإقتراع قاصراً على نظراء الموظف العام.
*ولهذا الإسلوب مزاياه التى لاتنكر ,فهو من جهة تطبيق حقيقى لمبدأ الديمقراطية السياسية ولكنه من جهة أخرى يتلافى العيوب التى وجهت إلى الصورة الإولىمن هذه الطريقة حيث يعهد بالإختيار إلى أشخاص توافرت فيهم قدرة الحكم الصحيح على صلاحية المرشح لشغل الوظيفة خاصة أن هذه الوظائف تتطلب قدراً كبير من التعاون المستمر بين شاغل الوظيفة ونظرائه.
ثالثاً:الإعداد الفنى:
*تعد هذه الطريقة من أفضل طرق أختيار الموظفين,وتتمثل فى إنشاء الإدارة لمعاهد ومدارس فنية متخصصة تتولى إعداد الموظفين وتدريبهم لتولى أعمالهم بما يتفق ومتطلبات الوظيفة.ولعل أهم الأمثلة التى يمكن الإشارة اليها فى هذا الصدد,هى مدرسة الإدارة الوطنية فى فرنسا التى أنشئت عام1945 لتتول تأهيل خريجها للعمل فى وظائف مجلس الدولة ووظائف السلك الدبلوماسى والسياسى والوظائف العليا فى الإدارة.
*وتتميز هذه الطريقة بأنها تمكن من إعداد الموظف إعداداً فنياً يتفق والعمل الذى يقوم به وذلك فى ضوء الإحتياجات الفعلية للإدارة العامة.ولعل الدليل على ذلك هو ما أدته المدرسة الوطنية فى فرنسا من خدمات للإدارة حيث قدمت لها نخبة من أقدر العاملين بها,وتخرج منها ألمع قادة العمل التنفيذى والإدارى فى فرنسا,وقل أن وجدت إحدى الشخصيات العامة التى لم تتخرج من هذه المدرسة.
*ولكن على الرغم من مزاياها,فإن التوسع فى الأخذ بهذه الطريقة يبدو أمراً غير متيسر,خاصة فى الدول الناميةحيث يقتضى الأخذ بها نفقات باهظة من جهة,كما يتطلب من جهة أخرى توافر الكفاءات البشرية من أجل القيام بعملية الإعداد الفنى المشار إليها.ولما كان خريجو هذه المعاهد والمدارس يعدون إعدادا فنيا خاصا لشغل وظائف من نوع معين,فإن الإدارة تلتزم بتعيينهم فى نهاية مدة الإعداد,ومن ثم يتييعن عليها مراعاة الإعداد التى تحتاج إليها الهيئات العامة عند قبول طلبة هذه المعاهد,بحيث لايكون عدد الخريجين أكثر من حاجة العمل. ونتيجة لذلك يقتضى الأمر التثبت إبتداءً من صلاحية المتقدمين لهذه المعاهد لشغل الوظائف المنتظرة.
رابعاً:طريقة المسابقة:
*ينظر الفقه إلى طريقة إختيار الموظفين العموميين عن طريق المسابقة على إعتبار أنها الطريقة المثلى لإختيار الموظفين العموميين حيث يتحقق عن طريقها مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة بين الأفراد وتضمن تزويد الإدارة بأفضل العناصر حيث تتم المفاضلة بين راغبى شغل الوظائف العامة على اسس موضوعية قوامها الكفاءة والصلاحية والإستعداد لتحمل مسئوليات الوظيفة التى يراد شغلها.
*ولاشك أن أسلوب المسابقة يفضل غيره من اساليب اختيار الموظف العام,غير أن الأمر يقتضى فى هذا الصدد التفرقة بين إمتحان الصلاحية وامتحان المسابقة ذلك أن هناك خلط يثور فى الأذهان بين الطريقتين رغم إختلاف الإسلوب والإجراءات المتبعة فى كل منهما.
*فالبنسبة لامتحان الصلاحية:يقصد به أن تعلن الإدارة عن الوظائف الشاغرة لديها وتعقد للمتقدمين من توافرت فيهم الشروط اختبار لإختيار أفضل العناصر المتقدمة لشغل الوظائف الشاغرة ويتم الإختبار فى صورة إمتحان تحريرى أو شفوى أو عملى بواسطة لجنة متخصصة تقوم الإدارة بتعيينها,ويتم شغل الوظائف من بين الناجحين فى الإمتحان ,بدون التقيد فى هذا الصدد بترتيب النجاح,حيث تتمتع السلطة الإدارية المختصة بالتعيين بحرية إختيار من تشاء من بين الناجحين فى الإمتحان.
ويعاب على إمتحان الصلاحية أنه وإن كان يرمى من الناحية النظرية إلى ضمان جدارة المرشح لشغل الوظيفة,إلا أنه من الناحية العملية قد يفتح أمام السلطة الإدارية المختصة بالتعيين باب المحسوبية والمحاباة,خاصة إذا لم يتم وضع الإمتحان وجعل سلطة التعيين فى أيدى لجان بعيدة عن كافة المؤثرات السياسية والضغوط والأهواء الشخصية.
لذلك يصف الفقه هذه الطريقة بأنها أفضل الطرق لإختيار الموظفين العموميين.والواقع أنه يمكن القول بأنها أقل الطرق عرضه للنقد,ذلك أنه وإن كان أفضل الوسائل للحكم على مدى الصلاحية الذهنية والقدرة النفسية على الإلمام بواجباب الوظيفة, فإنه لايعكس بالضرورةالمستوى الأخلاقى للمرشح ولاقدرته على التعاون مع الزملاء.
*أما عن إمتحان المسابقة:نجد أن إختيار الموظفين عن طريق إمتحان المسابقة,صار الإسلوب المتبع فى أغلب التشريعات فى الوقت الحاضر,وحرص القضاء على إحاطته بالضمانات الكافية التى تكفل تحقيق الهدف منه.
فالمشرع الفرنسى على سبيل المثال يقرر أن إمتحان المسابقة يعتبر الطريق المعتاد لتعيين الموظفين.ويعتبر هذا الطريق من الضمانات الأساسية للمواطن بحيث لايمكن الخروج عنه إلا بقانون فهو من إختصاص السلطة التشريعية وحدها نزولاً على نص المادة34 من الدستور الفرنسى هذا المعنى فى قرار له صادر بتاريخ 19فبراير1963 حدد فيه إختصاصات السلطة التنفيذية بالنسبة لطريقة التعيين بالمسابقة.
كذلك أحاط القضاء الفرنسى امتحان المسابقة بالعديد من الضمانات فى كافة مراحلة منذ الإعلان عنه حتى اعتماد الإدارة له مراعيا فى ذلك الموازنة بين إعطاء الضمانات الكافية للمتقدمين لإمتحان المسابقة وضمان المساواة فيما بينهم من جهة,ويشترط ألا يؤدى ذلك إهدار المصلحة العامة المتمثلة فى حسن سير المرافق العامة من جهة أخرى,وتلتزم الإدارة بهذا الترتيب عند إجراء التعيين.
لذلك يصف الفقه هذه الطريقة بأنها أفضل الطرق لإختيار الموظفيين العموميين.والواقع أنه يمكن القول بأنها أقل الطرق عرضة للنقد ولذلك نجد أن إختيار الموظفين عن طريق إمتحان المسابقة صار الإسلوب المتبع فى أغلب التشريعات فى الوقت الحاضر.