فرص وتحديات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات من أجل التنمية
ايمان فودة

مجلة السياسة الدولة يناير 2004 - العدد رقم 155

توفر تكنولوجيا المعلومات فرصاً هائلة أمام الدول النامية لتحقيق التنمية ، ورفع مستوى معيشة المواطنين ، كما تتيح الفرصة لشعوب هذه الدول للاندماج فى المجتمع العالمى.ومن أهم المجالات التى تساهم فى تطويرها تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ، مجال التعليم ، حيث يؤدى تأهيل جيل جديد من الطلاب والشباب والخريجين للتعامل مع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ، الى رفع قدراتهم التنافسية على مستوى العالم ، ويفتح أمامهم آفاق المعرفة التى تمثل حجر الأساس للتنمية فى جميع المجالات.كما تساهم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فى تحسين الخدمة الطبية من خلال قواعد البيانات الاليكترونية عن حالات المرضى ، بما يسهل تشخيص الأمراض ، كما يؤدى الربط الاليكترونى للمراكز الطبية والمستشفيات ، الى تحسين الخدمة الطبية المقدمة ، وخاصة فى المناطق النائية

وتساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أيضاً فى تحسين حياة المواطنين ، من خلال تقديم الخدمات الحكومية اليكترونياً ، بما يوفر مشقة السفر والتنقل بين الخدمات الحكومية.كما تفتح تكنولوجيا المعلومات فرصاً جديدة للتنمية ، وتخلق مجالات عمل جديدة ، بالاضافة الى الدور الثقافى الذى تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، من خلال زيادة الوعى والمعرفة بين دول العالم المختلفة ، بما يؤدى لمزيد من التواصل الحضارى ، ويخلق تراثاً حضارياً دولياً يضم الثقافات العالمية المختلفة

ورغم ما تتيحه تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات من فرص للتنمية أمام دول العالم الثالث ، فإن هناك العديد من التحديات التى تواجه تبنى هذه التكنولوجيا ، وتقف عقبة أمام التنمية.وفى مقدمة هذه التحديات ، إدخال البنية التحتية اللازمة لتكنولوجيا الاتصالات ، والذى يعتبر أمراً مكلفاً للغاية ، كما يعد توفير التعليم المتخصص من أهم المعوقات التى تقف فى طريق إدخال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ، فالسوق المحلى فى الدول النامية يفتقر الى كوادر بشرية مدربة على استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.وتعد هذه الكوادر البشرية من أهم عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية ، سواء فى مجال الاتصالات ، أو فى أى مجال آخر

كذلك فإن هناك تحدى آخر مرتبط بالتعليم ، وهو تعليم اللغة الانجليزية ، الذى يعد ضرورة للاستفادة المثلى من تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.ويمكن تخطى هذا العائق من خلال التركيز على إدخال تعليم اللغات الأجنبية فى مدارس الدول النامية ، والحرص على تشجيع الشركات والمؤسسات والأفراد والمنتجين لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ، على الانتاج باللغات المحلية ، وزيادة المحتوى المحلى على شبكة الانترنيت

ورغم سعى الدول النامية المستمر للحاق بركب تكنولوجيا المعلومات ، فإن هذه الدول مازالت مجرد مستهلك لتكنولوجيا المعلومات ، ولم تدخل بعد مجال الانتاج ، حيث يصعب على الدول النامية بقدراتها العلمية ومواردها البشرية والتمويلية المحدودة ، أن تنافس الشركات الكبرى فى مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.ومن جانب آخر ، فإن البيئة السياسية والتشريعية فى الدول النامية مازالت تمثل عائقاً يتحكم فى حجم الاستثمارات الممكنة فى مجال الاتصالات والمعلومات ، والقدرة على توفير الخدمات الاليكترونية للمواطنين.ولذلك تعد التعديلات التشريعية ، وادخال قوانين تنظم الاتصالات ، من أهم العوامل التى تشجع المستثمرين على الدخول فى مجال الاتصالات والمعلومات ، وتفتح الباب أمام تبنى هذه التكنولوجيا الجديدة

وإدراكاً لأهمية التعاون الدولى فى تقليل الفجوة التكنولوجية بين دول العالم المتقدم والنامى ، ولدعم استخدام تكنولوجيا المعلومات من أجل التنمية ، عقدت المرحلة الأولى من القمة العالمية لمجتمع المعلومات بجنيف فى الفترة من 10 ـ 12 ديسمبر الماضى ، حيث أكدت القمة على ضرورة التنسيق الدولى لاقامة مجتمع المعلومات فى العالم ، من خلال أدوار الشركاء المختلفين -الحكومات ، القطاع الخاص ، المجتمع المدنى- والسعى الى تحقيق فهم أفضل لثورة المعلومات وتأثيراتها على المجتمع الدولى

وقد صدر عن القمة الاعلان النهائى وخطة العمل ، التى ترجمت الرؤية العالمية المشتركة لتحقيق مجتمع المعلومات ، من خلال تأكيد أهمية توفير البنية التحتية اللازمة لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ، وإدخال التعليم التكنولوجى فى المناهج ، والاهتمام بتدريب الكوادر ، وخلق بيئة سياسية وتشريعية تشجع على الاستثمار ، والعمل على زيادة المحتوى المحلى ، ودعم القدرة التنافسية والتصديرية للدول النامية ، وتقديم الدعم الفنى والتمويلى لها من خلال المنظمات المعنية