بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمود عبد العزيز الشربينى ونصحى بولس فارس وعادل عبد العزيز بسيونى وجمال السيد دحروج. المستشارين.

* اجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 5 من فبراير سنة 1978 أودع السيد الأستاذ مهاب كامل المحامى الوكيل عن السيد / ....... رئيس حسابات بنك قرية الحواتكة بمركز منفلوط قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 144 لسنة 24 القضائية فى القرار الصادر من السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة التأديبية بأسيوط فى 7 من ديسمبر سنة 1977فى الطلب رقم 23 لسنة 5 القضائية ( صحته 31 لسنة 5 القضائية ) بوقف صرف نصف مرتب السيد المذكور ، طوال مدة وقفه عن العمل احتياطيا. وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام بنك التنمية الزراعى المصروفات. وأعلن تقرير الطعن إلى البنك المطعون ضده فى 20 من مارس سنة 1978. وقدم السيد مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن انتهى فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 10 من مارس سنة 1982. وبجلسة 26 من مايو سنة 1982 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الرابعة ) وحددت لنظره أمامها جلسة 5من يونية سنة 1982، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن قررت بجلسة 16 من أكتوبر سنة 1982 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1977 أصدر السيد رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعية بأسيوط قرارا بايقاف الطاعن السيد / ........... رئيس حسابات بنك قرية الحواتكة بمركز منفلوط احتياطيا عن العمل اعتبارا من 27 من نوفمبر سنة 1977 تاريخ ابلاغ النيابة العامة عما نسب إلى السيد المذكور من أنه بصفته السابقة المسئول عن استيفاء دمغة طلبات وعقود سلف البتلو وتنمية الثروة الحيوانية لموسم عام 1977 والسابق اقراره باستلام قيمتها البالغ قدرها 24.750 جنيها. قام بالتزوير فى تلك الدمغة بلصق طوابع يبدو أنها مستعملة واختلس قيمتها لنفسه دون وجه حق. وبتاريخ 6 من ديسمبر أودعت إدارة الدعوى التأديبية بأسيوط قلم كتاب المحكمة التأديبية بأسيوط أوراق الطلب رقم 31 لسنة 5 القضائية للنظر فى أمر صرف نصف المرتب الموقوف صرفه للعامل المذكور، حيث حدد لنظر هذا الطلب جلسة 7 من ديسمبر سنة 1977، وفيها قرر السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة التأديبية وقف صرف نصف مرتب العامل المذكور طوال مدة وقفه عن العمل احتياطيا.
ومن حيث أن حاصل أسباب الطعن أن القرار المطعون فيه شابه البطلان لعدم إعلان الطاعن بالجلسة التى حددت لنظر الطلب. هذا بالاضافة إلى أن ما نسب إلى الطاعن وأوقف بسببه لايقوم على أساس صحيح من الواقع أو القانون، اذ أن أوراق الدمغة تقدم من الممولين على مسئوليتهم الشخصية وهم من الفلاحين الذين لا يحسنون حفظها مما قد يعرضها للبلل ويقلل بالتالى من قابليتها للصق ويقتضى إعادة وضع بعض الصمغ عليها ، وهو أمر لا يفقدها قيمتها طالما لم يثبت أنه سبق استعمالها.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن القرارات التى تصدرها المحاكم التأديبية فى شأن طلبات مد الوقف احتياطيا عن العمل وصرف النصف الموقوف صرفه من المرتب بسبب الوقف هى قرارات قضائية وليست قرارات ولائية ، اذ تستمد المحكمة التأديبية ولاية البت فيها من اختصاصها الأصيل بنظر الدعوى التأديبية، بحكم ارتباط هذه الطلبات بالدعوى التأديبية ارتباط الفرع بالأصل، ومن ثم تعد هذه القرارات بمثابة الأحكام القضائية والتى يجوز بهذه المثابة الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا فى الميعاد المقرر قانونا. ولا يغير من هذا النظر أن المادة 16 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أسندت الاختصاص بالفصل فى هذه الطلبات إلى رئيس المحكمة التأديبية منفرداً اذ أن الأمر فى ذلك لا يعدو أن يكون تعديلا اجرائيا يستهدف التخفيف على المحاكم التأديبية حتى لا يكون اختصاصها بذلك على حساب الانجاز المطلوب للقضايا مما لا أثر له على طبيعة تلك القرارات وكونها قرارات قضائية تعد بمثابة الأحكام التى يجوز الطعن فيها امام المحكمة الإدارية العليا على ما تقدم البيان.
ومن حيث أنه لما كانت المحكمة التأديبية وهى بصدد البت فى أمر صرف نصف المرتب الموقوف صرفه انما تمارس اختصاصا قضائيا متفرعا عن اختصاصها بالبت فى الدعوى التأديبية ذاتها على ما سلف البيان، وان القرار الذى تتخذه فى هذا الخصوص يقوم على أساس ما تتحسسه المحكمة من مدى جدية القرار الصادر بوقف العامل عن العمل فى ضوء المخالفات المنسوبة اليه. لما كان ذلك فان الأمر يقتضى، وفقا للأصول العامة فى المحاكمات ، تمكين المفصول من المثول أمام المحكمة التأديبية لابداء ما عسى أن يكون لديه من بيانات أو أوجه دفاع قد يكون لها أثرها فى تقدير المحكمة. واذ صدر القرار المطعون فيه دون أن يخطر الطاعن بالجلسة التى حددت للنظر فى أمر صرف نصف مرتبه الموقوف ، ومن ثم لم تتح له فرصة الاطلاع على الأوراق وابداء دفاعه ، فان هذا القرار يكون قد شابه البطلان لخلاله بضمانه جوهرية تمس حق الدفاع ، الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغاء هذا القرار وإعادة الطلب إلى المحكمة التأديبية بأسيوط للفصل فيه مجددا من هيئة أخرى. بعد اخطار الطاعن وتحقيق دفاعه.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء القرار المطعون فيه وإعادة الطلب إلى المحكمة التأديبية بأسيوط للفصل فيه مجددا من هيئة أخرى.