بسم الله الرحمن الرحيم


تعد جرائم القذف من الجرائم التي لها الأثر البالغ سلبا على شخص الإنسان ، وهي الأكثر شيوعا وانتشارا خاصة بعد ظهور شبكة الإنترنت إذ يساء استخدامها للنيل من شرف الغير أوكرامته أو اعتباره أو تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم بما يتم إرساله للمجني عليهعلى شكل"رسالة بيانات" مثل ما حصل عندما قام أحد مستخدمي الشبكة يكنَي (بحجازي ناديالفكر) بالتطاول في أحد المنتديات المنتشرة على شبكة الإنترنت بالسب والقذف على شيخالإسلام أبن تيمية والشيخ محمد عبد الوهاب وغيرهم من رموز الدعوى السلفية.

وهيمن الجرائم التقليدية المنصوص عليها في اغلب المدونات العقابية ، أصبحت في الوقت لحالي ومع التطور الكبير في تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال تتم بوسائل مستحدثة ، ومنها شبكة الإنترنت .

فأهم عنصر في هذه الجريمة وهو العلانية ويقصدبها اتصال علم الجمهور بالتعبير الصادر عن فكرة المتهم أو رأيه أو شعوره عبر إحدىالوسائل التعبيرية والتي لا تخرج عن ثلاث هي 1.القول أو الصياح ،2.الفعل أو الإيماء،3.الكتابة وما يقوم مقامها. أصبح يتم وبكل يسر عبر شبكة الإنترنت وذلك على النحوالتالي:.
العلانية والإنترنت:لو أمعنا النظر في الخدمات العديدة التي تقدمها شبكة الإنترنت لمستخدميها لوجدنا أنها تنقسم إلى قسمين أثنين : الأول يضم الخدماتذات الطابع الخصوصى ، والثاني يضم الخدمات ذات الطابع العام .
• الخدمات ذاتالطابع الخاص: تتسم بعض الخدمات المتاحة على شبكة الإنترنت كخدمة البريد الإلكتروني، وخدمة الاتصال المباشر عن بعد ، وخدمة نقل الملفات بطابع الخصوصية ، حيث نجد أنالاتصال هنا ينحصر بين طرفين معلومين لبعضهم ولا يجوز للغير الإطلاع على مضمونالرسائل المتبادلة بينهم إلا بمعرفة صاحب المصلحة . مما يعني أنها تدخل في نطاقالمراسلات الخاصة التي تتمتع بالحماية القانونية المقررة لسرية الاتصالات عن بعدمما يكفل عدم قدرة الآخرين على كشف مضمونها أو الإطلاع عليها وهو ما يرتب عليهانتفاء العلانية عن هذه المراسلات وتمتعها بطابع الخصوصية. ولكن ما الوضع فيما لواحتفظ أحد الأشخاص ببعض البيانات والعبارات الماسة بسمعة وشرف أحد الناس في بريدهالإلكتروني دون أن أو يرسلها لأحد ؟

في الحقيقة لو أخذنا هذا الأمر من وجهة نظرتقليدية لوجدنا أن الجريمة غير متحققة لأن الدخول إلى البريد الإلكتروني والإطلاعإلى محتواه لا يكون متاحا لدى الكافة ، حيث أن الأمر يتطلب استخدام بعض المعطيات التقنية كاسم المستخدم وكلمة المرور، وبالتالي لا أحد يستطيع الدخول إليه إلا لمنتوافرت لديه تلك المعطيات التي تختلف من بريد لآخر. إلا أنه وعلى الرغم من ذلك نجدأن البريد الإلكتروني هذا هو في الأصل موجود على شبكة الإنترنت التي تردد عليهاملايين البشر منهم الصالح ومنهم السيئ ، وهذه الملايين يوجد فيهم المئات بل الألوفممن يطلق عليهم الهاكرز القادرون على اختراق هذا البريد الإلكتروني والإطلاع على مابه من رسائل أو معلومات أو بيانات ، بل ويقومون بتغيرها .

ولما كان ذلك فإننانرى أن عنصر العلانية يتحقق هنا بمجرد وضع الكلمات والعبارات الماسة بشرف وسمعة أحدالأشخاص وحفظها بالبريد الإلكتروني في شبكة الإنترنت حتى وإن لم ترسل إلى الغير،فشبكة الإنترنت تعتبر في حد ذاتها أحد أهم طرق العلانية ، والبريد الإلكتروني وإنتعذر الوصول إليه عند البعض فإن غيرهم يمكنهم الوصول إليه والإطلاع على ما بداخله .

ولا يختلف الأمر بالنسبة لتبادل الرسائل الجماعي ، حيث تقوم مجموعة من الأفرادالمعلومين لبعضهم البعض الذين يجمع بينهم علاقة معينة أو ربط معين أو اهتمام مشتركمثل تكوين مجموعة متخصص في القانون أو مجموعة متخصصة في الطب البديل أو مجموعةمتخصصة في الطيران وغيرها بتبادل الخطابات والمعلومات فيما بينهم أوتوماتيكيا. ويرجع ذلك إلى أن هذه الرسائل والمعلومات ترسل بصفة سرية بعيدة عن متناول الغيرويتمتع أفراد المجموعات بصلات خاصة واهتمامات مشتركة فيما بينهم ، مما يضفي عليهاطابع الخصوصية وينفي عنها الطابع العلني ونفس الحكم يسري على خدمة نقل الملفات أوخدمة الحديث المباشر أو خدمة الشبكات المغلقة.

ولكن -خروجا على الأصل- يمكن أنتتوافر العلانية للكتابات المؤثمة فيما لو تم إرسالها إلى العديد من الأفراد الذينلا يجمع بينهم أي روابط أو مصالح مشتركة وذلك لأن الشخص إذا كان في إمكانه طبعالرسالة وإرسالها على الفور إلى شخص واحد معين فقط ، فإنه بإمكانه أيضا إرسالها إلىأكثر من شخص أو وضعها فيما يسمي "لوحة النشرات".

• الخدمات ذات الطابع العام:بعض الخدمات التي تقدمها شبكة الإنترنت تتصف بالعمومية بمعني أنها متاحةلعامة الجمهور دون تميز بينهم ، كتصفح مواقع الويب والاشتراك في المجموعاتالإخبارية والمنتديات وغرف المحادثة والتي تتميز بأنها شبه مفتوحة بطبيعتها وموضوعةفي متناول الجمهور ولا تستلزم التسجيل المسبق. كما إنها لا توجد قيود تعيق الأفرادمن الاستفادة من الإمكانيات المتاحة عليها ، فمثلا يمكن لأي شخص أو مستخدم لشبكةالإنترنت أن ينشئ له موقع site على شبكة الويب العالمية ويضمنها معلومات وبياناتوصور ورسوم وغيرها ، والتي يمكن لأي شخص آخر في جميع أنحاء العالم الإطلاع عليها ،وهذه المعلومات أو البيانات أو الصور قد تكون مفيدة للباحث أو المتعلم وقد تكونضارة إذا ما هدف من ورائها الإساءة إلى الآخرين والنيل من شرفهم أو كرامتهم أوتحقيرهم. وبالتالي فإن العلانية تتوافر بالنسبة للكتابات والصور والرسوم والتيتتضمن معاني مؤذية إذا ما تم عرضها على إحدى المواقع الموجودة على صفحات الويب .ففي جمهورية مصر العربية تمكنت المباحث المصرية من ضبط مهندس مصري يقوم بنشر معلوماتكاذبة على إحدى مواقع الويب بهدف التشهير بعائلة مسئول مصري وابنته ، وفي واقعةمماثلة أصدرت محكمة جنح مستنأف النزهة حكما بالحبس 6 أشهر على أحد الأشخاص قامبإنشاء موقع خاص له على شبكة الإنترنت ووضع عليه صورا إباحية مركبة عن إحدى الفتياتومعلومات تمس شرفها وسمعتها ، كذلك وفي عام2004 قدمت النيابة العامة بشبرا الخيمةأحد الأشخاص للمحاكمة بتهمة القذف علانية من خلال البريد الإلكتروني عبر شبكةالإنترنت بعبارات خادشة للشرف والاعتبار.

وفي دولة الإمارات العربية المتحدةأدانت محكمة جنح دبي أحد مشجعي كرة القدم بتهمة القذف والسب لشرطة دبي على شبكةالإنترنت ، حيث أنه أنشاء موقعا خاصا به على الشبكة تعرض فيه بالقذف والسب لشرطةدبي بزعم أنها ضربته بعد إحدى المباريات. وقضت بتغريمه ثلاثة آلاف درهمإماراتي.
كذلك من الممكن بث تلك المعلومات أو البيانات أو الصور أو الرسوم عبرالمجموعات الإخبارية أو عن طريق غرف الدردشة أو منتدياتالمناقشة.