برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى خليفة, محمد عيد سالم، منصور القاضي ومصطفى حسان نواب رئيس المحكمة.
-----------------------
1 - لما كان إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه, ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا, لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.

2 - لما كانت إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة بمذكرة خلصت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه إعمالا لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على مراعاة الميعاد المحدد في المادة 34 من هذا القانون والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992, إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة قد تم في الميعاد المحدد أو بعد فواته. فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة.

3 - لما كان تحديد سن المجني عليه في جناية الخطف المنصوص عليها في المادة 288 من قانون العقوبات ركنا هاما فيها لما يترتب عليه من أثر في توافرها إذا ثبت أن المجني عليه لم يبلغ من العمر ستة عشر سنة كاملة بالإضافة إلى توافر التحايل أو الإكراه وإلا عد الفعل مكونا لجنحة القبض بدون وجه حق المؤثمة بالمادة 280 من القانون المذكور, والأصل أن القاضي لا يلجأ في تقدير السن إلى أهل الخبرة أو إلى ما يراه بنفسه إلا إذا كانت هذه السن غير محققة بأوراق رسمية, وكان الحكم قد أطلق القول بأن المجني عليه لم يبلغ ستة عشر سنة كاملة وقت وقوع جريمة الخطف دون أن يبين تاريخ ميلاده والأساس الذي استند إليه في تحديد سنه, مما يصمه بالقصور في البيان.

4 - لما كان النص في المادة 268 من قانون العقوبات على أن "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع سنين........" يدل في صريح لفظه وواضح معناه على أن تحقق جريمة هتك العرض تلك رهن بأن يكون الفعل المكون لها قد حصل بغير رضاء المجني عليه وهو ما يقتضي بداهة أن يكون على قيد الحياة, وكان الحكم المطعون فيه - على النحو المار بيانه - قد أورد أن المحكوم عليه بعد أن فرغ من قتل المجني عليه قام بهتك عرضه, وهو ما لا تقوم به الجريمة الأخيرة, وخلص إلى أن قتل المجني عليه عمدا مقترن بجنايتي خطفه بالتحايل وهتك عرضه بالقوة وهو عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالمحكوم عليه, فإنه يكون فوق قصوره في التدليل على قيام جريمة خطف المجني عليه قد أخطأ في تطبيق القانون فيما انتهى إليه من توافر جريمة هتك عرضه بالقوة مع عدم قيامها بأركانها القانونية - على السياق بادي الذكر - الأمر الذي يعيبه بما يبطله.

5 - لما كانت المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره قد أوجبت - إذا كان الحكم صادرا حضوريا بعقوبة الإعدام - على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم, وتحكم المحكمة طبقا لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39, وكان البطلان الذي أنطوى عليه الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39, فإنه يتعين نقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

6 - لما كان الطعن مقدما لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالا لنص المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة إليه.
-----------------------
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل ........ عمدا بأن شل حركته ونزع عنه حزامه الجلدي ولفه حول عنقه وجذبه عنه قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تقدمت تلك الجناية واقترنت بها جنايتين أخرتين هما أنه في ذات الزمان والمكان خطف بالتحايل المجني عليه سالف الذكر والذي لم يبلغ ستة عشر سنة كاملة بأن أبعده عن مكان تواجده واستدرجه لمكان الواقعة موهما إياه بالبحث له عن عمل وهتك عرضه بالقوة بأن أمسك برقبته وطرحه أرضا ثم جثم فوقه وأمسك بعوراته ونحى عنه بنطاله وأولج قضيبه في دبره وأحالته إلى محكمة جنايات دمياط لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى والدي المجني عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت حضوريا وبإجماع الآراء بإرسال أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة ..... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة عملا بالمادتين 268/1 - 2, 288 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 234/1 و2 من ذات القانون وبإجماع الآراء بالإعدام شنقا وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض, كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها.
وتلك المحكمة - محكمة النقض - قضت أولا: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلا. ثانيا: بقبول عرض النيابة العامة للقضية وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات دمياط لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قررت بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة ..... للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضوريا وبإجماع الآراء وعملا بالمواد 268/1 - 2, 288 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 234/1, 2 من ذات القانون بمعاقبته بالإعدام شنقا.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.
---------------------
من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد إلا أنه يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه. ومن حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة بمذكرة خلصت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على مراعاة الميعاد المحدد في المادة 34 من هذا القانون والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة قد تم في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية. ومن حيث إن الحكم المعروض - بعد أن سرد واقعات الدعوى ومضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه - دلل على اقتران جناية القتل العمد - التي أثبتها في حق المحكوم عليه بجنايتي خطف المجني عليه بالتحايل وهتك عرضه بالقوة وذلك بقوله "وحيث إنه عن اقتران القتل بجنايتين أخريتين فإنه من المقرر قانوناً أن الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات يتناول تغليظ العقاب في جناية القتل العمد متى تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى ففي جميع الأحوال التي يرتكب فيها الجاني علاوة على فعل القتل أي فعل مستقل يتميز عنه يكون في ذاته لجناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل ولو كانت لم ترتكب إلا لغرض واحد وبناء على تصميم جنائي واحد وتحت تأثير ثورة إجرامية واحدة إذ العبرة هي بتعدد الأفعال وتميز بعضها عن بعض بالقدر الذي يعتبر به كل مكوناً لجريمة مستقلة مما تكون قد توافرت شرائط تطبيق نص الشرط الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات وذلك الاقتران قد توافرت موجبات إعماله في حق المتهم بحسبان أن المحكمة قد خلصت في قضائها إلى أن المتهم قد عمد إزهاق روح المجني عليه بقتله وقد تقدمتها جناية أخرى مستقلة عنها وهي جناية خطف المجني عليه والذي لم يبلغ ستة عشر سنة كاملة بإبعاده عن مكان وجوده واستدراجه إلى منطقة مهجورة خالية من السكان والمارة خلف ملاهي....... بطريق التحايل بأن أوهمه بإيجاد فرصة عمل له بإحدى مراكب الصيد مقابل أجر يومي قدره عشرة جنيهات وهي الجناية المؤثمة بالمادة 288 من قانون العقوبات وقد اقترنت أيضاً بجناية القتل جناية أخرى مستقلة تماماً عنها وهي جناية هتك عرض المجني عليه. ذلك أن الثابت من الأوراق وما قرر به شهود الإثبات واعترافه بتحقيقات النيابة العامة أنه بعد أن فرغ المتهم من قتل المجني عليه عمداً بخنقه بكلتا يديه وبلف حزام بنطال المجني عليه حول عنقه بشدة وإحكام حتى فارق الحياة قام بحسر بنطاله وسرواله عن جثته وأولج قضيبه في دبره وأمنى به وهي الجناية المؤثمة بالمادة 268/1، 2 من قانون العقوبات ومن ثم تتوافر في حق المتهم جناية القتل العمد المنصوص عليها في المادة 234/1, 2 من قانون العقوبات بركنيها المادي والمعنوي، ثم انتهى الحكم - من بعد - إلى ثبوت جناية خطف المجني عليه الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة بالتحايل وهتك عرضه بالقوة كظرفين مشددين لجناية القتل العمد التي خلص إلى ثبوتها في حق المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان تحديد سن المجني عليه في جناية الخطف المنصوص عليها في المادة 288 من قانون العقوبات ركناً هاماً فيها لما يترتب عليه من أثر في توافرها إذا ثبت أن المجني عليه لم يبلغ من العمر ستة عشر سنة كاملة بالإضافة إلى توافر التحايل أو الإكراه وإلا عد الفعل مكوناً لجنحة القبض بدون وجه حق المؤثمة بالمادة 280 من القانون المذكور، والأصل أن القاضي لا يلجأ في تقدير السن إلى أهل الخبرة أو إلى ما يراه بنفسه إلا إذا كانت هذه السن غير محققة بأوراق رسمية، وكان الحكم قد أطلق القول بأن المجني عليه لم يبلغ ستة عشر سنة كاملة وقت وقوع جريمة الخطف دون أن يبين تاريخ ميلاده والأساس الذي استند إليه في تحديد سنه، مما يصمه بالقصور في البيان. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فلما كان النص في المادة 268 من قانون العقوبات على أن "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع سنين........" يدل في صريح لفظه وواضح معناه على أن تحقق جريمة هتك العرض تلك رهن بأن يكون الفعل المكون لها قد حصل بغير رضاء المجني عليه وهو ما يقتضي بداهة أن يكون على قيد الحياة، وكان الحكم المطعون فيه - على النحو المار بيانه - قد أورد أن المحكوم عليه بعد أن فرغ من قتل المجني عليه قام بهتك عرضه، وهو ما لا تقوم به الجريمة الأخيرة، وخلص إلى أن قتل المجني عليه عمداً مقترن بجنايتي خطفه بالتحايل وهتك عرضه بالقوة وهو عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالمحكوم عليه، فإنه يكون فوق قصوره في التدليل على قيام جريمة خطف المجني عليه قد أخطأ في تطبيق القانون فيما انتهى إليه من توافر جريمة هتك عرضه بالقوة مع عدم قيامها بأركانها القانونية - على السياق بادي الذكر - الأمر الذي يعيبه بما يبطله. لما كانت ذلك، وكانت المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره قد أوجبت - إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام - على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم، وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39, وكان البطلان الذي أنطوى عليه الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، فإنه يتعين نقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالاً لنص المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالفة الإشارة إليه.